أدعية

دعاء الاستفتاح في الصلاة باكثر من صيغة

دعاء الاستفتاح في الصلاة ربما لا يعلمه البعض، إلا أنَّ هناك الكثير من النصوص الواردة في السُنة النبوية الشريفة وفي آراء المذاهب الفقهية الأربعة أدلت بوجود دعاء الاستفتاح والصيغ الواردة فيه وحكمه بالإضافة إلى ميقاته في الصلاة، وفيما يلي نذكر بعض المعلومات عن دعاء الاستفتاح في الصلاة.

دعاء الاستفتاح في الصلاة باكثر من صيغة

دعاء الاستفتاح في الصلاة

الدعاء من بين أفضل العبادات التي يجب أن يقوم بها العبد لتعزيز الصلة بينه وبين ربه، حيث يقوم الدعاء على سؤال الله بالحاجة واللطف والأماني وكل ما تكنّ به النفس، كما يكون من قُبيل الشكر والثناء على الخالق، ناهيك عن أنَّ هناك أدعية أُخذت من السُنة النبوية الشريفة، ويُمكن ترديدها والحرص على الالتزام بها في ميقاتها، على غرار دعاء الاستفتاح في الصلاة.

فهو الدعاء الذي يُمكن أن يستهل به المُصلي صلاته التي تحتوي على سجود وركوع كالصلوات المفروضة أو النوافل وصلاة الكسوف والعيدين وغيرها، فهو من سنن الصلاة وفقًا لجمهور العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة وأهل العلم.

اختلف المذاهب الأربعة في تحديد صيغة دعاء الاستفتاح على الرغم من أنَّ الصيغ كلها ثابتة في السُنة، وتفضيل أي منها ما يكون إلا من قُبيل الاستحباب، وتأتي أبرز الصيغ على النحو التالي:

  • في المذهب الحنفي، مذهب الإمام بن حنبل: “سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك”.
  • في المذهب المالكي: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفًا وما أنا من المشركين”.

تلك هي الصيغ الأكثر ورودًا في السنة النبوية، ويُفضل تلاوتها في الصلاة سواء الفرض أو النافلة، وهي المُثبتة أنها من صيغ دعاء الاستفتاح.

دعاء الاستفتاح في الصلاة وجهت وجهي

إنَّ صيغة دعاء الاستفتاح التي تبدأ بـ “وجهت وجهي إليك” تُنسب إلى المذهب الشافعيّ، حيث وُرد عن المذاهب الفقهية الأربعة مجموعة من الصيغ التي يتم ترديدها في استفتاح الصلاة، وتأتي تلك الصيغة على النحو التالي:

وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً مسلمًا وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين؛ لاشريك له، وبذلك أمرت، وأنا من المسلمين“.

أما عن معنى الدعاء فإنَّ مفاده أنَّ المُصلي يقوم بتوجيه وجهه إلى الله تعالى، وهو يؤمن به ويؤكد على إسلامه، ويهب صلاته مُخلصًا لله دون نفاق أو رياء، ويعترف بأن الله هو من بيده المحيا والممات، وبيده الأمر كله، ويُعرب عن امتثاله إلى أوامر الله تعالى.

دعاء الاستفتاح في الصلاة

هل دعاء الاستفتاح في الصلاة واجب؟

لا يُعتبر دعاء الاستفتاح من قُبيل واجبات الصلاة، حيث لا تؤثر على بطلان الصلاة أو صحتها، أي أنه من السنن المُستحبة، سواء في الصلوات المفروضة أو النوافل.

من الأدلة على أنَّ دعاء الاستفتاح من السُنن ما وُرد عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: “بينما نحنُ نصلِّي مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذ قال رجلٌ في القومِ: اللهُ أكبَرُ كبيرًا، والحمدُ للهِ كثيرًا، وسبحانَ اللهِ بُكرةً وأصيلًا، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مَن القائلُ كذا وكذا؟ قال رجلٌ مِن القومِ: أنا يا رسولَ الله، قال: عجِبْتُ لها، كلمةٌ فُتِحَتْ لها أبوابُ السَّماءِ، قال ابنُ عُمَرَ: فما تركتُهنَّ منذُ سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ ذلك“.

كما أنَّ الهدف من قراءة دعاء الاستفتاح يعزو إلى إحياء السنة، ففي ذلك حضور للقلب والجوارح، فما إن التزم المُسلم بشيء ما اقتداءً بالنبي الكريم بات له من قُبيل العادة، لاسيما إن كان يُجاهد للخشوع في الصلاة سواء الفروض أو النوافل، حيث تُساعده السنن النبوية مثل تلاوة دعاء الاستفتاح على الإتيان بذلك الخشوع.

دعاء استفتاح الصلاة بعد تكبيرة الإحرام

علمنا أنَّ دعاء الاستفتاح في الصلاة يُقال بعد تكبيرة الإحرام، وهكذا تتعدد الصيغ الواردة في دعاء الاستفتاح، ومن بينها تلك الصيغة:

اللهمَّ أنت الملكُ لا إله إلا أنت أنت ربى وأنا عبدُك، ظلمتُ نفسى واعترفتُ بذنبى، فاغفرْ لى ذنوبى جميعًا إنه لا يغفر الذنوبَ إلا أنت، واهدِني لأحسنِ الأخلاقِ لا يهدي لأحسنِها إلا أنت، واصرِفْ عني سيِّئَها لا يصرفُ عني سيِّئَها إلا أنت، لبَّيك وسعدَيك، والخيرُ كلُّه في يدَيك، والشرُّ ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركتَ وتعالَيتَ، أستغفرُك وأتوبُ إليك“.

إلا أنَّ تعدد الصيغ في دعاء الاستفتاح يكون في صلاة الفرض، بينما في النافلة فقد اتفق فقهاء المذاهب الأربعة على الجمع بين دعاء التوجه والثناء.

دعاء الاستفتاح مكتوب

غنى عن البيان أنَّ الصلاة حينما تم شروعها لم تأتِ عبثًا أو غير مرتبة، إنما هي فعل مُنظم، وينبغي أن يُتمها المُسلم كما أُمر بها، كما أنَّ هناك أفعال في الصلاة منها الفروض ومنها السنن، ومن بين السُنن المُستحبة تلاوة دعاء الاستفتاح، وتأتي الصيغ الواردة فيه على النحو التالي:

  • (سُبحانَكَ اللَّهمَّ وبِحمدِكَ، وتبارَكَ اسمُكَ، وتعالى جدُّكَ ولا إلَهَ غيرُكَ).
  • (اللهمَّ نَقِّنِي من الخطايَا كما يُنَقَّى الثوبُ الأبيضُ من الدَّنَسِ، اللهمَّ اغْسِلْ خطايَايَ بالماءِ والثلجِ والبَرَدِ).
  • (اللهمَّ بَاعِدْ بيني وبينَ خطايَايَ، كما باعدتَ بينَ المشرقِ والمغربِ).

دعاء الاستفتاح في الصلاة باكثر من صيغة

 

دعاء الاستفتاح ابن باز

يُخيَّر المُسلم عند ترديد دعاء الاستفتاح بين أي من الصيغ الواردة فيه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، فما إن التزم بصيغة واحدة دون الأخرى فلا حرج عليه، وما إن تلاهم جميعًا على التوالي أو التبادل فلا جناح عليه، حيث يجمع بين الخير والفضل كله، ومن بين تلك الصيغ ما يلي:

  • “اللهمَّ لك ركعتُ وبك آمنتُ ولك أسلمتُ خشع لك سمعي وبصَري ومُخِّي وعظْمي وعصَبي”.
  • “اللهمَّ ربَّنا لك الحمدُ ملءَ السماواتِ وملءَ الأرضِ وملءَ ما بينهما وملءَ ما شئتَ من شيءٍ بعدُ”.
  • “اللهمَّ لك سجدتُ وبك آمنتُ ولك أسلمتُ، سجد وجهي للذي خلقَه وصوَّره، وشقَّ سمعَه وبصرَه تبارك اللهُ أحسنُ الخالقِين”.
  • “اللهمَّ اغفرْ لي ما قدَّمتُ وما أخَّرتُ وما أسررتُ وما أعلنتُ وما أسرفتُ وما أنت أعلمُ به مِنِّي أنت المُقدِّمُ وأنت المُؤخِّرُ لا إله إلا أنتَ”.

دعاء الاستفتاح في الصلاة باكثر من صيغة - مجلة رقيقة

دعاء الاستفتاح الله أكبر كبيرا

من بين صيغ الأدعية الواردة في الاستفتاح ما رواه جبير بن مطعم أنه سمع النبي يُردده عند الصلاة فقال: “الله أكبر كبيرًا، الله أكبر كبيرًا، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، والحمد لله كثيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلاً –ثلاثًا-، وأعوذ بالله من الشَّيطان: من نفخه، ونفثه، وهمزه”.

فعلى الرغم من أنَّ الحديث ضعيف إلا أنَّ البعض صححه وحسنه على إثر شواهده، نظرًا لأنها قد يتقوَّى بها.

دعاء الاستفتاح لصلاة التهجد

ثبت ورود عدد من الصيغ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يتلوها في استفتاح الصلاة في وقت التهجد، وأتت على النحو التالي:

  • “اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، أَنْتَ الحَقُّ، وَوَعْدُكَ الحَقُّ، وَقَوْلُكَ الحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ الحَقُّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلَهِي لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ“.
  • كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ: اللهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ، فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ“.

متى يقال دعاء الاستفتاح؟

يُقال دعاء الاستفتاح قبل صلاة الفريضة أو النوافل، حيث يتم ترديده بين التكبير والتلاوة قبل قراءة سورة الفاتحة في أول ركعة، وهو سُنة مندوبة أي أنه في حالة نسيانه من قِبل المصلي لا يعني ذلك أنَّ صلاته باطلة، حيث تكون صلاته صحيحة ولا حرج عليه.

فالسُنة في دعاء الاستفتاح في الصلاة أنه يُقال بعد تكبيرة الإحرام لا قبلها، وهو ما ذهب إليه جمهور العلماء والفقهاء ممن أشاروا إلى استحباب قول دعاء الاستفتاح، وعلى الرغم من وجود جانب آخر من العلماء يُشير إلى أنَّ دعاء الاستفتاح في الصلاة يُقال قبل تكبيرة الإحرام على غرار المذهب المالكي إلا أنَّ الرأي الأرجح وفقًا للموسوعة الفقهية هو الرأي الأول، حيث يُقال قبل التعوذ والبدء في قراءة فاتحة الكتاب.

دعاء الاستفتاح في الصلاة

عدد مرات ترديد دعاء الاستفتاح

في حال كان المُسلم يُصلي أي من الفروض الخمسة، فإنه يقرأ دعاء الاستفتاح في الصلاة في أول ركعة من كل صلاة، أي أنه إن كان يُصلي 4 ركعات بتسليم واحد يقوم بالاستفتاح مرة واحدة بعد التكبير.

أما إن كان يُصلي 4 ركعات بتسليمتين، يتلو دعاء الاستفتاح مرتين كل منهما بعد التكبيرة، وهذا بالنسبة للصلاة الفرض، بينما الصلاة النافلة مهما كان عدد الركعات يكون دعاء الاستفتاح مرة واحدة في الركعة الأولى بعد التكبير.

الجمع بين أكثر من صيغة استفتاح في الصلاة الواحدة

اختلف الفقهاء في حكم الجمع بين صيغتين من صيغ دعاء الاستفتاح في صلاة الفريضة، منهم من أقر بجواز الجمع وآخرون أشاروا إلى عدم جواز الجمع بين نوعين من صيغ الاستفتاح إنما يتم القراءة في صلاة بصيغة معينة والصلاة الأخرى يتم الاعتماد على صيغة أخرى وهكذا.

أما عن تلك الآراء فهي ذات صلة بالفريضة فقط، بينما صلاة النافلة يُمكن الجمع فيها بين صيغ دعاء الاستفتاح.

قد يهمك أيضًا:

آداب الدعاء

أي من صيغ الدعاء مثل دعاء الاستفتاح في الصلاة يجب أن يتخللها بعض الآداب، وهي آداب الدعاء العامة التي يُمكننا ذكرها على النحو التالي:

  • عدم الدعاء بالإثم.
  • عدم الدعاء بقطيعة الرحم.
  • عدم الاعتداء في الدعاء.
  • عدم الجهر بالدعاء.
  • أن يكون الدعاء بين الجهر والمخافتة.
  • الجزم في الدعاء والعزم فيه.
  • عدم قول استثناءات في الدعاء.
  • استشعار وجود الله بالخشوع والخضوع.
  • استحضار مشاعر حب الله وخشية عقابه عند الدعاء.
  • الإلحاح في الدعاء.
  • عدم استعجال الإجابة.
  • الثقة بالله عند ترديد الدعاء.
  • اليقين بأنَّ الله سيستجيب.
  • استقبال القبلة عند الدعاء.
  • يُفضل رفع اليدين عند الدعاء.
  • الثناء على الله قبل الدعاء.
  • البدء بحمد الله والصلاة على رسول الله.
  • عدم التكلف بالدعاء.
  • الابتعاد عن المحسنات البديعية والسجع في الدعاء.
  • يُفضل أن يتم بدء الدعاء بأسماء الله الحسنى.
  • أن يكون الداعي مؤمن بربوبية الله تعالى وصفاته العلا.
  • الإخلاص في الدعاء من أهم آدابه.
  • الدعاء عبادة فيجب استيفاء شروط العبادة.

إنَّ دعاء الاستفتاح في الصلاة من السُنن التي يُستحب ترديدها، وله أكثر من صيغة، وترديده يكون امتثالًا لسُنة النبي الشريفة والاقتداء به صلوات الله وسلامه عليه.

د. عبدالكريم حمزاوي

طبيب مصرى حاصل على بكالوريوس فى الطب والجراحة وإخصائي في طب الأسرة من اجل صحة أفضل للأم وطفلها من خلال تقديم نصائح للعناية بصحة أسرتك، ارحب بجميع تعليقاتكم واستفساراتكم
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
error: لا يمكن نسخ المحتوي!!