كيف تنمى مهارات التعبير عند طفلكِ
من أكبر التحديات التي تواجه الأم تربية طفل سريع التوتر أو القلق حيث يصبح التعامل معه مرهقاً لنفسية الأم دافعاً لها للوصول إلى حافة الانهيار حيث تعجز أغلب الوسائل التربوية التقليدية في التعامل مع مثل هذه النوعية من الأطفال سريعي التوتر والقلق. تعتمد عملية تربية الطفل القلق أو الخائف أو المتوتر على عدة أمور منها :
- مساعدته على التعبير عن مخاوفه .
- تعليمه كيفية مواجهتها مع الحرص على تحويل كل نقطة توتر في حياته إلى محطة لتحدي مخاوفه وإثبات بطولته.
في هذا المقال عرض لبعض الوسائل التي تشرح لك كيفية تنمية مهارات التعبير عند الطفل الخائف ؟
الخطوة الأولى في التعامل مع الطفل المتخوف أو القلق بشكل مستمر:
تركيز الوالدين على تعلميه كيفية التعبير بشكل صحيح ودقيق عن مشاعره ومن ثمّ مخاوفه حيث سيساعدك ذلك كأم في التعرف بشكل سليم على ما يعاني منه طفلك؛ فمثلاً بعض الأطفال يستخدم تعبير “الحزن” عندما يقصد “القلق” أو “الخوف” وبينما تظل الأم تبحث عما يحزنه يعاني هو من مخاوف لا يستطيع التعبير عنها .
في البداية لابد أن نعلم أن الأطفال يكتسبون حصيلتهم اللغوية الأولى من محيط الأسرة و يقومون بالتعبير عن مشاعرهم بمحاكاة تصرف الوالدين و المحيطين فإذا كانت الأم تلجأ إلى السباب و العنف وتحطيم الأشياء عند الغضب فإن هذا غالباً سيكون نفس سلوك الطفل للتعبير عن غضبه !!
ومن هنا لا يجب أن تقوم الأم بمعاقبة الطفل حين يلجأ إلى التعبير عن توتره بشكل مزعج بل عليها أن تتساءل من أين حصل طفلها على هذه الخبرة السيئة ؟.
وهذه بعض الوسائل الهامة التي تساعد كل أم على تعلم كيفية تنمية مهارات التعبير عند طفلها الخائف:
-
نمذجة التعبيرات الشعورية
من الوسائل المفيدة لتعليم الطفل المتوتر كيفية التعبير الدقيق عن مخاوفه هو “نمذجة” التعبيرات الشعورية للطفل, والمقصود استخدام نماذج كلمات معينة للتعبير عن مشاعر محددة في مواقف واضحة هذه الكلمات تكون قوية ومحددة و تعكس حقيقة المشاعر مثل (الإحباط, الخوف, الانزعاج, الضيق).
ويمكنك استخدام جُمل واضحة لتوصيل المعنى مثل ” أنا في غاية الإحباط لأني حاولت إصلاح هذه اللعبة مراراً لكنها لا تعمل مجدداً”, أو ” أنا قلقة من أن تنقل إليكم عدوى الزكام من أصدقائكم بالمدرسة” مثل هذه التعبيرات الدقيقة ستعلم الطفل كيف يعبر عن مخاوفه وقلقه بشكل صحيح كم أنها سوف تكشف للوالدين بشكل واضح عن حقيقة توتر أبنائهم.
-
ربط المشاعر بالكلمات
هل تساءلت كأم لماذا يلجأ طفلي إلى الصراخ و البكاء أو الأصوات المزعجة و الحركات العنيفة عندما يكون منزعجاً ؟
الإجابة أن الطفل غالباً ما يعاني من حصيلة لغوية محدودة للتعبير عن نفسه وتتقلص هذه الحصيلة اللغوية عند مشاعر الغضب أو الضيق فلا يجد الطفل في عقله كلمات تعبر عما يشعر به فيلجأ إلى وسائل أخرى كالبكاء و الصراخ لشرح موقفه و تعويض عجزه عن التعبير بلغة مفهومة عن مشاعره.
ومن ثمّ كان من المهم تعويد الطفل على ربط مشاعره بكلمات تعبيرية محددة فمثلاً إذا بدأ طفلك بالتجهم بسبب طلب الحلوى فقولي له ” أنت غاضب . أنت غاضب لأنك تريد الحلوى الأن وأنا لن أعطيك إياها” مثل هذه الجمل البسيطة تنمي عند الطفل ملكة تحويل مشاعره الغير المنظورة إلى كلمات مسموعة يستطيع الوالدان تفهمها و التعامل معها بل إن مثل هذا الأسلوب سيمكن الطفل لاحقاً من تصحيح منظور والديه لمشاعره ومخاوفه.
فمثلاً إذا قلت له ” أنت تشعر بالخجل من معلمك لأن لم تؤدي فروضك المدرسية” فسيكون رده ” أنا اشعر بالخوف لأني المعلم سيعاقبني” . في هذه المرحلة سيكون الطفل قد وصل إلى درجة متقدمة من القدرة على اختيار التعبيرات الأدق للتعبير عن مشاعره ومخاوفه مما سيسهل عملية اكتشافها ومواجهتها .
-
ملاحظة مشاعر الآخرين
من الوسائل التربوية و التعليمية القيمة دائما التعليم بالملاحظة و الذي يمكن استخدامه بشكل كبير في تنمية مهارات التعبير عند الطفل المتوتر وذلك بملاحظة ورصد التعبيرات الشعورية القوية التي يظهرها الآخرون فإذا شاهدت مثلاً طفلة تبكي فقومي بالتعليق سريعاً” هل ترى هذه الطفلة الصغيرة, إنها تبكي, لابد أنها حزينة, اتساءل ما الذي يحزنها؟”
مثل هذه الطريقة لن تنمي فقط قدرة الطفل على التعبير عن نفسه بشكل صحيح لكنها ايضاً ستزيد من مقدرته على التعاطف مع الأخرين من حوله بل وستجعله ماهراً في قراءة المواقف الاجتماعية بدقة لقدرته على قراءة التعبيرات العاطفية للناس من حوله.
-
لحظات المكاشفة
من الوسائل المهمة لتنمية قدرات الطفل المتوتر على التعبير عن نفسه ومشاعره إفراد مساحة له للحديث عن نفسه داخل بيئة متفهمة مثل بيئة الأسرة في اللحظات الدافئة مثل أوقات تناول الطعام أو الذهاب إلى النوم .
تلجأ بعض الأسر إلى ملء مثل هذه الأوقات بالألعاب التي تشجع الطفل على الاسترسال و الحديث مثل أن يخبر كل طفل عن أكثر المواقف التي سببت لها سعادة طوال اليوم و أكثر المواقف التي سببت له ضيقاً, ومن هنا سيستطيع الوالدان أن يكتشفا بشكل دوريّ المخاوف التي قد تنمو داخل نفسيات ابنائهم و التي قد تكون أشياء بسيطة مثل “الخوف من الأماكن المظلمة, الخوف من الازدحام , الخجل من مواجهة الأقران …إلخ) أو التعرف السريع على مشكلات أكبر مثل (التحرش الجنسي, تنمر الأقران, …إلخ).
-
لعبة التخمين
تبقى الألعاب وسيلة تعلمية هامة للصغار بل هي الوسيلة الأسرع لتنمية المهارات البدنية و اللفظية ولعبة تخمين المشاعر يمكن أن تقوم بها الأم مع أطفالها حتى أثناء قيامها بمهام المنزل المعتادة حيث أنها لا تتطلب تفرغاً ولا تركيزاً. تقوم فكرة اللعبة على أن تتقمص الأم بوجهها تعبيرا معينا يدل على (الغضب – الدهشة – الفرح – الحزن)
وتطلب من الطفل أن يخمن هذا الشعور وأن يعبر عنه بالكلمات ثم يتم تبادل الأدوار بين الأم وطفلها. تأتي أهمية هذه اللعبة من مستويين: الأول أن يعتاد الطفل على الربط بين تعبيرات وجهك وبين مشاعرك مما يسهل عليك التواصل البصري معه لاحقاً أما المستوى الثاني فأن يتعلم الطفل كيف يعبر بدنياً بشكل صحيح عن مشاعره.
-
قراءة الكتب ومشاهدة البرامج وتحميل التطبيقات
لا تقتصر وسائل تنمية قدرات الطفل الخائف على التعبير عن نفسه على الوسائل التي تقوم بها الأم شخصياً مع الطفل بل يمكن الاستعانة أيضاً بالوسائل التعليمية الأخرى مثل الكتب و البرامج التلفزيونية و المجلات المصورة بل و تطبيقات الهاتف الحديثة التي تندرج تحت تصنيف “feelings” حيث أنها تساعد بشكل كبير في تعليم الطفل اكتشاف التعبيرات الإنسانية و الربط بينها وبين الكلمات المعبرة .
وفي النهاية يجب أن تعلم كل أم أن عملية تنمية مهارات التعبير عند الطفل الخائف أو المتوتر تحتاج الوقت و الصبر وأن أفضل هذه الطرق هو دمج عملية تطوير المهارات اللغوية للطفل بالأنشطة اليومية الطبيعية مع التركيز على النقاط السابق ذكرها مثل نمذجة التعبيرات و ربط المشاعر بالكلمات وملاحظة التجارب الشعورية العميقة للآخرين مع التعليق عليها و الاستعانة بكل الوسائل التعليمية الحديثة المتاحة .